لاجئو المناخ
“توجد هجرة قسرية، أي الهجرة التي تفرضها الظروف الخارجية مثل المناخ. ولم يعد لدينا خيار إذ لا يمكننا أن نقول ببساطة إننا لا نريد هؤلاء الناس”. كارولا راكيته، قائدة سفينة الإنقاذ الألمانية
تشير الدراسات البيئية حول تأثير التغيرات المناخية على حركة البشر إلى أن ما يقارب ال 250 مليون شخص سيضطرون إلى اللجوء أو النزوح بسبب الكوارث الناتجة عن تغيير المناخ في سنة 2050 أكثر مما تخلفه النزاعات المسلحة.
وحسب منظمة الأرصاد الجوية في تقرير لها نشر في 10 مارس 2020 فقد سُجل أكثر من 6.7 مليون حالة نزوح داخلي جديدة بين كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو 2019، وقد نجمت هذه الحالات عن كوارث حدثت جراء ظواهر جوية هيدرولوجية، مثل إعصار إيداي في جنوب شرق أفريقيا، وإعصار فاني في جنوبي آسيا، وإعصار هاريكين دوريان في منطقة البحر الكاريبي، والفيضانات في إيران والفلبين وإثيوبيا. ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى ما يقرب من 22 مليون في 2019، بعد أن كان 17.2 مليون في عام 2018. ومن بين جميع الأخطار الطبيعية، تسهم الفيضانات والعواصف أكثر من غيرهما في النزوح.
جدل قانوني حول المصطلح
وحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن مصطلح “لاجئو المناخ” أكثر استخداما في وسائل الإعلام لا أكثر، والمفوضية لا تحبذ استخدام هذا المصطلح – ربما هروبا من المساءلة من القانونية – وترى المفوضية أن العبارة الأدق في الوصف هي “الأشخاص النازحين في سياق الكوارث وتغير المناخ” بسبب ما قد تحدثه هذه العبارة من جدل، حيث إنها غير موجودة في القانون الدولي. الذي يُعرّف “اللاجئ” بأنه الشخص الذي عبر الحدود الدولية “بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد لأسباب تتعلق بالعرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى مجموعة اجتماعية معينة أو رأي سياسي” (اتفاقية 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين). وفي بعض السياقات، يشمل التعريف الأشخاص الفارين من “أحداث تخل بالنظام العام بشكل خطير” (اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لعام 1969؛ إعلان كارتاخينا لعام 1984).
وفي نفس السياق فإن التغير المناخي يؤثر على الأشخاص داخل بلدانهم، وفي الغالب يؤدي إلى نزوح داخلي وقد يصل إلى المستوى الذي يؤدي فيه إلى نزوح الناس عبر الحدود. وقد تكون هناك حالات يتم فيها تطبيق معايير اللاجئين الواردة في اتفاقية 1951 أو معايير اللاجئين الأوسع نطاقاً الواردة في الأطر الإقليمية لقانون اللاجئين. على سبيل المثال، إذا كانت المجاعة الناتجة عن الجفاف مرتبطة بحالات النزاع المسلح والعنف – وهي منطقة تعرف باسم “ديناميكيات العلاقة” حيث تتفاعل الصراعات أو العنف مع تغير المناخ أو الكوارث.
تداخل الأزمات ودول عربية نموذج لهذا التداخل
تقول منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة : إن السبب الرئيس في ارتفاع مستويات الأمن الغذائي يكمن في ثلاثة عوامل وهي: النزاعات المسلحة، الأزمات الاقتصادية والتغيرات المناخية العميقة، وتشير تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن تقلب المناخ ربما يرفع من خطر الجوع وسوء التغذية بنسبة 20 في المائة بحلول عام 2050.
تمثل الصومال نموذجًا لديناميكية العلاقة بين الصراع وتغير المناخ فقد هوت البلاد في أوائل تسعينيات القرن الماضي في جحيم نزاع مسلح ممتد لا يرحم تسبب في إضعاف مؤسسات الدولة، وإجبار ملايين السكان على النزوح أو الهجرة، وإثقال كاهلهم، لا سيما أولئك الذين يعتمدون على الزراعة والرعي. ومر هؤلاء بتجارب مؤلمة من الجفاف الكارثي بسبب انخفاض معدلات الأمطار في موسم هطول الأمطار، وهو المعروف محليًّا باسم «غو» يمتد من نيسان/ أبريل إلى أيار/ مايو ، قبيل موسم الحصاد السنوي في تموز/ يوليو. وتتوقع منظمات أممية أن يتسبب الجفاف الكارثي الذي ضرب البلاد خلال العام الجاري 2019 في معاناة أكثر من مليوني شخص من الجوع الحاد، هم يمثلون نحو خمس عدد سكان البلد الفقير. وتقول دراسات إنه يمكن التغلب على بعض هذه المشاكل من خلال توزيع أكثر كفاءة للمياه، واستنبات سلالات نباتية تقاوم الجفاف.
وقد نتج عن هذه العلاقة الديناميكية بين النزاعات المسلحة وتغير المناخ من جفاف وفياضات وأزمة جوع إلى لجوء أكثر من 750 ألف صومالي الى البلاد المجاورة، حيث لجأ إلى أكثر من 250.000 صومالي إلى كينيا والى اليمن لجأ 250.500 وإثيوبيا 192.000 في حين يوجد أكثر من 2.500.000 مليون نازح داخل الصومال.
وفي الختام، هل يجب إدراج التغيرات المناخية ضمن الاتفاقيات الدولية الخاصة باللاجئين ما دامت النتيجة واحدة هي تدفق ملايين البشر خارج الحدود بحثا عن الأمن الغذائي والبيئي.
- مصادر المعلومات:
- UNHCR
- CICR