تعزيز الثقة بالقانون الدولي الإنساني أهميته وأدواته
- نشاهد الكثير من النزاعات المسلحة في معظم أنحاء العالم والتي تظهر انتهاكًا صارخا للقانون الدولي الإنساني، وكيف فقدت المجتمعات ثقتها بالقانون الدولي الإنساني وكيف لم تقف الدول المنخرطة في النزاع المسلح وحتى الدول غير المنخرطة في احترام قواعد القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين وهذا ما جعل المجتمعات تفقد ثقتها بالقانون الدولي الإنساني ولا تعول عليه؛ ورغم المشهد الميداني الذي بدأ سريع التغيّر والاحتياجات الكبيرة والمتنامية لسباق التسلح وحسم النزاع، وتفاقم سوء وحدة الانتهاكات أو الحاجة إلى القانون الدولي الإنساني ليأخذ مكانه الطبيعي
نشاهد الكثير من النزاعات المسلحة في معظم أنحاء العالم والتي تظهر انتهاكًا صارخا للقانون الدولي الإنساني، وكيف فقدت المجتمعات ثقتها بالقانون الدولي الإنساني وكيف لم تقف الدول المنخرطة في النزاع المسلح وحتى الدول غير المنخرطة في احترام قواعد القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين وهذا ما جعل المجتمعات تفقد ثقتها بالقانون الدولي الإنساني ولا تعول عليه؛ ورغم المشهد الميداني الذي بدأ سريع التغيّر والاحتياجات الكبيرة والمتنامية لسباق التسلح وحسم النزاع، وتفاقم سوء وحدة الانتهاكات أو الحاجة إلى القانون الدولي الإنساني ليأخذ مكانه الطبيعي والفاعل في النزاعات المسلحة. وهنا نرى صراعًا بين تطبيق القانون وانتهاكه، ورغم ذلك يبقى الالتزام بالمبادئ الإنسانية والعمل الإنساني ثابتًا، ولا تزال الدول والشعوب في حاجة ماسة إلى هذا الالتزام، على الرغم من كل الانتهاكات التي حدثت؛ ومن الجدير بالذكر أن الالتزامات المتعلقة بحماية المدنيين والجرحى والمحتجزين تُعدّ أساسية في اتفاقيات جنيف، مما يعد أمرًا مشجعًا.
ونقص الثقة في القانون الدولي الإنساني يتمثل في عدم تقدير الدول والأفراد لأهمية هذا القانون وعدم الالتزام بتطبيقه، وذلك نتيجة لما شهدته النزاعات المسلحة، سواء كانت دولية أو داخلية، من آثار إنسانية كارثية على المجتمع؛ بمعنى آخر، لا توجد ضمانات كافية لتطبيق القانون الدولي الإنساني في سياق النزاعات المسلحة، وهذا الأمر أسهم في تراجع إيمان البشرية بفاعلية هذا القانون في تحقيق العدالة وحماية حقوق الإنسان.
ونذكر هنا بعض العوامل التي أدت إلى تراجع الثقة في القانون الدولي الإنساني: منها عدم الالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني. واستخدام الأسلحة الحديثة، التي تمثل عائقًا رئيسيًا أمام تطبيق القانون الدولي الإنساني نظرًا لعدم تنظيمها ضمن هذا القانون؛ وغياب قوانين صارمة وسريعة للحد من الانتهاكات، سواء كانت دولية أو غير دولية؛ واستمرار الانتهاكات ضد المدنيين خلال النزاعات المسلحة؛ وعدم محاسبة الدول التي ترتكب انتهاكات بشكل مباشر؛ وتأثير الدول الكبرى على المحكمة الجنائية الدولية، مما يعيق عملها، وعدم تحرك مجلس الأمن لوقف الانتهاكات وتطبيق القانون الدولي الإنساني.
ولإعادة تعزيز الثقة بالقانون الدولي الإنساني، فتتحمل الدول والأطراف المعنية في النزاعات المسلحة مسؤولية الالتزام بـ “احترام” القانون الدولي الإنساني و”ضمان احترامه في جميع الظروف”، كما ورد في (المادة الأولى المشتركة بين اتفاقيات جنيف)؛ ويتعين على هذه الأطراف استخدام نفوذها لمنع حدوث انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، والعمل على إنهاء هذه الانتهاكات، والامتناع عن تشجيع أي أطراف أخرى على ارتكابها.
من المهم الإشارة إلى أن المعرفة بالقانون الدولي الإنساني وحدها ليست كافية، لكنها تمثل شرطًا أساسيًا للامتثال للقانون خلال النزاعات المسلحة أو بعدها؛ ولذا، فإن دعم تدريس القانون الدولي الإنساني في الجامعات الرائدة والمراكز الدولية المتخصصة يعد جزءًا أساسيًا من جهود تعزيز هذا القانون. كما يعتمد تعزيز الثقة بالقانون الدولي الإنساني على العمل الإنساني المبني على المبادئ على الثقة، التي تتجلى بين العاملين في هذا المجال وأطراف النزاع والسكان المتضررين والمانحين. فبدون هذه الثقة، يصبح من الصعب ضمان تقديم الإغاثة وحماية الفئات الضعيفة بشكل آمن وفقًا لأعلى المعايير؛ لذا، يتعين على الجهات الفاعلة في العمل الإنساني كسب هذه الثقة، بينما يجب على الدول أن تظهرها أيضًا؛ وفقًا للقانون، يحق للجهات الإنسانية غير المتحيزة، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر واللجان الفرعية التابعة لها والمراكز المعنية بالقانون الدولي الإنساني، تقديم خدماتها لجميع أطراف النزاع المسلح، ويجب عليها الالتزام بالمبادئ الإنسانية، بالإضافة إلى معايير الشفافية والفعالية، نظرًا لارتباطه الوثيق بالنزاعات المسلحة، يجب أن يتم تدريس القانون الدولي الإنساني بناءً على الممارسات الحالية.
إن احترام القانون الدولي الإنساني وتعزيز الثقة في تطبيقه بشكل فعّال يعدان أمرين حيويين في النزاعات المسلحة التي يشهدها العالم اليوم، سواء كانت حروبًا تقليدية بين الدول أو نزاعات مسلحة داخلية غير دولية تتزايد بشكل ملحوظ. وتتعلق المشكلة في الحفاظ على أرواح البشر وصون كرامتهم في هذه الظروف بعدم احترام القواعد الموجودة التي تنظم الحرب، وليس بغيابها. كما أن تعزيز الثقة بالقانون الدولي الإنساني يتطلب وضع حد للإفلات من العقاب، وهو ما لا يخدم العدالة أو المصالحة بعد انتهاء النزاع، ويتحقق تعزيز الثقة من خلال إلزام جميع الأطراف الفاعلة بالاعتراف بالتزاماتها القانونية تجاه هذه الفئات من الناس وضمان عدم تعرضهم للتمييز، إن تمويل جهود تعزيز الثقة بالقانون الدولي الإنساني من خلال التدريب والتطوير يعد أمرًا ضروريًا لاستدامة فعالية هذا القانون.