اللاجئون الفلسطينيون ليسوا مجرد أرقام : إسرائيل تقطع شريان حياة الفلسطينيين
بقلم: الأستاذ / الدكتور أيمن سلامة
في خضم النزاعات المسلحة والصراعات الدولية التي تشتعل في أرجاء مختلفة من العالم، تعاني أكثر الفئات ضعفاً في المجتمع من تبعات قرارات قد تتجاوز أحيانًا كل القيم الإنسانية.
إن التشريعات الداخلية لبعض الدول التي تخرج عن الإجماع الدولي تشكّل تهديداً حقيقياً لهذه الفئات، وعلى رأسها اللاجئون وأولئك الذين أجبرتهم الظروف على ترك ديارهم بحثًا عن الأمان. إن الممارسات المنافية للقانون الدولي وخرق الاتفاقيات والمعاهدات التي تنظم حقوق هؤلاء الضعفاء تُعدُّ تصرفات شائنة، تستدعي وقفة حازمة من المجتمع الدولي من أجل حماية الإنسانية وردع أي دولة تحاول أن تتنصل من التزاماتها القانونية والأخلاقية.
تُعَدُّ التشريعات الداخلية الجائرة، التي تحيد عن مسار الإنسانية، بمثابة سلاحٍ إضافي يوجَّه إلى صدور اللاجئين والمهاجرين الأبرياء. إن مثل هذه التشريعات لا تعمل فقط على تهميش الفئات المستضعفة وإضعافها، بل تسهم أيضًا في إرساء قواعد الاستغلال والعنف تجاههم، وتجعلهم عرضة لمزيد من الانتهاكات والظلم. من هنا، يجب أن تتضافر الجهود الدولية لفرض حدود قانونية وإجرائية على تصرفات بعض الدول التي تتخذ من قوانينها الداخلية ذريعة للعبث بحقوق الإنسان ومخالفة التزاماتها الدولية. فلا يمكن لأي دولة أن تتخذ من سيادتها حجةً لتعريض أناس أبرياء لأهوال الحرب وجرائم القمع والتنكيل، بينما يقف العالم مكتوف الأيدي.
إن وقفة المجتمع الدولي تجاه هذه الدول ليست ترفًا، بل هي ضرورة لا تقبل التأجيل. إذ أن تساهل المجتمع الدولي تجاه الانتهاكات الجائرة في حق اللاجئين يفتح الباب لانتشار ظاهرة الإفلات من العقاب، ويعطي الضوء الأخضر لدول أخرى كي تتبع نفس النهج في تهميش الأضعف وتعريضه للتهديد المستمر. إن القوانين الدولية التي أقرتها الأمم المتحدة لحماية اللاجئين قد جاءت نتيجة معاناة بشرية طويلة ومريرة، وبالتالي فإن التعدي على هذه القوانين يمثل ازدراءً صريحًا لإرادة المجتمع الدولي ولحقوق الإنسان. وفي ظل هذه الانتهاكات، تبرز الحاجة إلى أن يتخذ المجتمع الدولي موقفًا صريحًا من خلال فرض عقوبات رادعة على الدول التي تتجاوز القانون الدولي.
اللاجئون ليسوا مجرد أرقام، بل هم بشر يحملون آمالاً وأحلامًا وآلامًا خلفتهم الظروف في مهب الريح، يبحثون عن الأمان والسلام. لذلك، فإن تجاهل حقوقهم يعتبر جريمة ليس فقط بحقهم، بل بحق الإنسانية جمعاء. وعليه، ينبغي للمجتمع الدولي أن يدرك أن حماية اللاجئين ليست مجرد التزام قانوني، بل هي واجب أخلاقي وإنساني. إن الوقوف بجانبهم يعني إرساء قيم العدل والرحمة والتآزر الإنساني، ويمثل تجسيدًا حيًّا لرسالة الإنسانية التي تجمع الشعوب، وتضع حدًا للتصرفات الهوجاء لبعض الدول التي تعبث بالقوانين الدولية.
إن سيادة الدول لا تعني حرية العبث بحقوق الأفراد، خاصة الفئات المستضعفة التي تجد نفسها في مواقف لا تملك فيها القوة أو الوسائل للدفاع عن نفسها. ولذا، فإن المجتمع الدولي ملزم بفرض أنظمة رقابية وإصدار قرارات تدين وتشجب وتفرض عقوبات حقيقية ضد كل دولة تتجاوز حدود القانون الدولي وتنتهك حقوق اللاجئين.
وإذا كانت الدول تستطيع إصدار قوانينها الداخلية وفقاً لاحتياجاتها ومصالحها، فإن عليها أن تعي أن هذه القوانين يجب أن تتماشى مع المبادئ والاتفاقيات الدولية التي تعترف بها كعضو في المجتمع الدولي.