آليات تنفيذ القانون الدولي الإنساني: التزامات الدول العربية ودور الجمعيات الوطنية
هذه المقالة هي قراءة في دراسة نشرها سابقا الدكتور بطاهر بوجلال الباحث والخبير في القانون الدولي في مجلة الدراسات الدبلوماسية التي يصدرها معهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية بالمملكة العربية السعودية في شهر أكتوبر 2006.
تتناول الدراسة بالإضافة إلى التزامات الدول العربية؛ دور الجمعيات الوطنية في تنفيذ القانون الدولي الإنساني في المنطقة العربية؛ حيث يرى الدكتور بطاهر بوجلال: ” أن دور الجمعيات الوطنية التي تعتبر أجهزة مساندة للسلطات العمومية من علاج الجرحى من الجنود والمرضى في النزاعات المسلحة وتطور إلى تقديم الإغاثة والإسعافات الأولية أثناء الكوارث والأزمات، ساهمت كذلك جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر وبشكل كبير في بلورة أحكام اتفاقية جنيف والبروتوكولين الإضافيين مما يحتم عليها أن تلعب دورا أكبر وأهم في تطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني على المستوى الوطني بناء على ما نصت عليه النظم الأساسية للحركة الدولية والنظم الأساسية للجمعيات الوطنية العربية”.
لم يعد نشاط الجمعيات الوطنية مقتصرا على الدور الإغاثي فقط، بل تعداه إلى المشاركة في برامج التوعية والتثقيف والتعريف بالمبادئ الأساسية للحركة الدولية ونشر قواعد القانون الدولي الإنساني وحث الحكومات على الاحترام الكامل والالتزام بأحكام الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة سواء في وقت السلم أو الحرب.
ويرى الدكتور بوجلال أن نشاط الجمعيات الوطنية في مسألة تطبيق القانون الدولي الإنساني يتلخص في العناصر التالية:
أولا: دور الجمعيات الوطنية من الناحية القانونية:
1- تشجيع الدول العربية على الانضمام إلى اتفاقيات القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات ذات الصلة
2- دراسة وتشجيع رفع التحفظات على اتفاقيات القانون الدولي الإنساني.
3- المساهمة في عملية سن القوانين الوطنية.
4- حماية الشارة.
ثانيا: من الناحية التعليمية والتوعوية.
1. نشر القانون الدولي الإنساني وتعليمه.
2. المساهمة في إعداد وتدريب الأشخاص المؤهلين والمستشارين القانونيين
3. المساهمة والتشجيع على إنشاء لجان وطنية للقانون الدولي الإنساني.
“إن للأمانة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر دورا مهما وحيويا في تنسيق كل جهود الجمعيات الوطنية في مجال تبادل الخبرات والنشاطات في ميدان تنفيذ القانون الدولي الإنساني وعليها أيضا، العمل على رفع قدرات الجمعيات الوطنية البشرية منها والمادية وتوفير المساعدة القانونية والفنية من أجل إنشاء فروع قانونية وكذلك فروع للنشر والتدريب داخل الجمعيات الوطنية.”
وقد أنشأت الأمانة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر على هذا الأساس المركز العربي للقانون الدولي الإنساني باعتباره بيت خبرة وهيئة استشارية للجمعيات الوطنية العربية، تتبلور رسالة المركز العربي للقانون الدولي الإنساني في رفع كفاءة منتسبي الهيئات والجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر في الوطن العربي فيما يخص المعرفة بالقانون الدولي الإنساني وتطبيقه على أرض الواقع وتقديم المشورة في مجالات القانون الدولي الإنساني، والعمل على تشجيع الدول العربية على إدراج مقتضياته في قوانينها الداخلية وكذلك بحث تحديات تنفيذ قواعد القانون الدولي الإنساني، والمساهمة في إيجاد حلول لتجاوزها بالإضافة إلى المساهمة في إثراء المكتبة العربية في مجال القانون الدولي الإنساني من خلال التأليف وإعداد الدراسات والبحوث والمساهمة في إنشاء اللجان الوطنية للقانون الدولي في البلاد العربية التي لم تنشء بعد هذه اللجان.
ولتحقيق هذه الرسالة أطلق المركز العربي للقانون الدولي الإنساني قاعدة بيانات لحصر الباحثين والأساتذة والمهتمين بالقانون الدولي الإنساني والمجالات المرتبطة به في الوطن العربي، كما وضع في خطته السنوية للعام 2023 إصدار مجلة علمية محكمة تعنى بالقانون القانون الدولي الإنساني.
كما كان للمركز عدة نشاطات توعوية وتثقيفية عن بعد وحضوريا من أجل التعريف بالمركز العربي للقانون الدولي الإنساني ومجالات اهتمامه وأهمية المعرف القانونية للعاملين في الجمعيات الوطنية أو للجهات الأخرى كالصحافيين والقضاة خصوصا وأن المنطقة العربية والمحيط الإقليمي يشهد نزاعات مسلحة معقدة وشائكة حيث عرفت المنطقة حسب تصنيف معهد هايدلبرغ لأبحاث الصراع الدولي بين 2005 و 2022 أكثر من 900 نزاع بمختلف أشكاله بين حروب ونزاعات عنيفة وتوترات اجتماعية مما يستوجب الإلمام الكافي بمبادئ القانون الدولي الإنساني والمجالات ذات الصلة سواء للجهات المكلفة بتنفيذه أو مراكز البحوث والدراسات والتحليل وقطاع الإعلام والصحافة.